بسم الله الرحمن الرحيم

| 8 التعليقات ]

               
                                          الوادي السحيق..؟!


    قبل أذان الفجر البعيد.. الموغل في زمهرير الشتاء القارس، وقبل منبه الساعة كان التثاقل، والتباطؤ، والسهاد، وعيون أضناها الآمال المنهكة، والمجهضة من مغبة الفجر، والسفر المعتاد، وعجاج الباص، وأصوات المؤذنين تغالط محركات الباص المزحوم بمعلمات الوادي السحيق الموصل للقرى التهامية من أعالي منحدرات السراة، وقبل الوصول بكيلومترات كان الباص يحاول أن يداري معلماته، خوفا من غربة طفولة تسأل: أين أمي، خوفا من دمعات طالبة الأولى الابتدائي، خوفا من قتل حلم زوجين بميلاد طفل اسمه أحمد، خوفا من قلب أم ترقد في المستشفى، خوفا من زوج كان قد اشترى عقدا كي يهديه زوجته في نفس تاريخه زواجهما، خوفا من أب مسن قضى عمره في تربية ابنته، خوفا من أحلام ٍتراودهن سنين.. في نقل خارجي يعيدهن لمنازلهن وأولادهن.
ولكن.. حدث ما كن يخشينه، ووقعت الفجيعة، المخيفة، والمفزعة في صقيع البرد، ونزعت أرواحهن.. وجوالاتهن تصرخ بمسميات بناتهن، وأولادهن، وأزواجهن..
تصرخ في فجر الغربة، والرحيل عن الدنيا.. بعد قبلات الوداع الحارة على وجنات أطفالهن الذين يغطون في سبات شتوي تحت البطانيات الصوف.. وما زالت جوالاتهن تصرخ في أجساد جاثمة، وأرواح سافرت لبارئها، تصرخ في معاناة تلك الطرق التي تلطخت بدماء المعلمات، وأهلكت الحرث والعلم والنسل؟!
وما هي إلا إعادة لمسلسل ضحايا التعليم من المعلمات، وقد نكأت الذاكرة المتخمة بالأحزان، والمنفطرة بالذكريات المؤلمة..
كي تعيدنا باكين، مكلومين جاثمين نجر الحسرة، وعظيم الفقد خلف جثمان معلمات الوادي السحيق، وقد وئدت أحلامهن في ثراهن الأخير، ووارينا وجوههن المملؤة بالدماء، والعفة، والطهارة الثرى، وأودعنا قلوبنا معهن، وسط نوبات من البكاء، وحشرجات الفراق..
قضية تعتصرنا ألما؟!
كي تعيدنا للمربع المهترئ القديم «ضحايا المعلمات»، ومشروع نقل الوزارة المزعوم الذي ظل نزيفا على ورق.. بينما تنزف طرقنا بدماء المعلمات البريئات؟!
رحم الله المعلمات، وأسكنهن فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
ضبابيات أخيرة:
لعل أقل ما تقدمه وزارة التربية والتعليم لأبناء المعلمات، وذويهن أن تستمر رواتبهن كواجب عزاء، وكونه واجبا إنسانيا عظيما.. فلربما تكون تلك المعلمة الراحلة هي التي تعول أسرتها بعد الله ــ سبحانه.


التعليقات : 8

غير معرف

الله عليك يا استاذ فايع دائما كلامك يكون في الصميم استمر يامبدع
اخوك خالد معيض ابو تركي

أنت بارع............

كتبت ماعجزت عقولنا وكفوفنا كتابته..كتب شعور الأسى بفكر فايع الإبداع الذي لايشبهك أحد كتابة معاة بدموع ودماء كتبت وأبدعت أيها البارع..
أراهن أن من قرأ هذه المقالة سبيكي مثل مابكيت وبكى ملاااااااااااااين غيري..
لأنك فايع آل مشيرة المبدع الإنسان والحقيقة والأمانة في الطرح الكبير..؟؟

حسن الشهري

اسمعت لو ناديت حيا ولا كن لاحياة لمن تنادي
في ذلك اليوم الحزين دمعت عيوننا على تلك الفاجعه المؤلمه ضحيا تلك الجريمه معلمات ليس لهم ذنب في تلك المأساة شمعات انطفأت في عمر الزهور بذلو انفسهم في سبيل العلم وتنشئة لبنة صالحة تفيد المجتمع . اغتالتهم ايدي الخيانة والغدر التي ضحت بشهيدات الواجب في ذلك الصباح الباكر ذهبت احلامهم ادراج الرياح,, طموحاتهم تكسرت على صخرة وزارة التربية والتعليم وذابت في دهاليز البيروقراطية العمياء التي لا تعرف الا التعقيد وتسويف وقرارات ضد المعلمون والمعلمات وكأنه في حرب ضروس مع منسوبيها
... أمل بصرخة استغاثة تنقض من بقي من المعلمين والمعلمات وتحقن دماء الابرياء فما هكذا رد المعروف ايه الوزارة لمن افنوا حياتهم وسخروا انفسهم لخدم المجتمع ... وشكرا ايها الكاتب العملاق الذي تلامس هموم المجتمع .

غير معرف

الوادي السحيق

من عنوانگ يا أبا فهد ايحاء بمعانات وألم ومشاق وصعوبات...
وقبل أن أبدأ بقراءة مقالگ أخذت مع العنوان جولة تأمّل وتفگير في مضمون حروفگ...
وبدأت بقراءة الألم الذي استوحيته من العنوان!
وداع في گل يوم على أمل اللقاء بسلام في عيون أخت أو زوج أم أو طفلة...
أيُّ تعبٍ على تعب
وأيُّ نظرةٍ تلگ!
قلب الوداع يلوّح بيده التي تجعّدت من آلام الفجيعة على أمل ايجاد القرارات التي تُعيد لتلگ اليد نظارتها وتعود شابّه...
من يأخذ بأيديهن؟
گان الله في عونهن...

غير معرف

‏​ابداعك ياكاتبنا يتجدد وصفت. بدقة ماعجز خيالنا وواقعنا استيعابه لأن هنآك آمور بآلحيآه , يصعب علينآ آستيعآبهآ ! ليس لآننآ لآنستطيع ، بل لآننآ لم نتوقع أن تحدث...قصة. رعب عاشتها معلمات النائيه رحم الله من توفي ’والهم اهاليهم الصبر والسلوان. تحياتي لك ياكاتبنا الكبير فايع عسيري. بنت النور

ابو فايع

لله درك يبو فيصل

لسان المواطن

ولسان المظلوم

امض انت وقلمك فلله درك

احمد السنبقي

رحمهم الله وغفر لهم . اللهم اجبر مصاب ذويهم الجلل . واجعل لهم في قبورهم نوراً . وتقبلهم يارب العالمين لاحول ولا قوة الا بالله . بارك الله فيك يا استاذ فايع تحياتي لك وان كانت محزنه تلك الحادثه الا انك ابدعت في المقال. ولكل مقام مقال .انا يطربني حديثك وتستهويني كتاباتك . وفقك الله دنيا ودين .يا ابا فهد . تقبل تحيات . ابو عامر

معلمة من الجنووووووووووووب@@

أستاذ فايع آل مشيرة..مقالك هذا تذكرة عبور لك أولاً في قلوب شريحة كبيرة في مجتمعنا السعودي عامة..مقال كتبته بدم القلب..مقال يحكي الواقعية وعظم المصاب..مقال أشعر بأنك كتبته بإنسانية المثقف المفكر..الأديب الصادق..كتبته بدمعة أب,وقلب أم,ونظرة طفل..وصرخة طفلة..كتبته لأنك مؤمن بأن القلم أمانة لا يحمل همه إلا الكبار المبدعين....وأنت والله أولهم..
أستاذ فايع من قلب كل معلمة شكراً..شكراً..شكراً..

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي تعليق ان يكون في حدود الادب والذوق العام، حوله .
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.

المشاركات الشائعة