بسم الله الرحمن الرحيم

| 4 التعليقات ]

                                      حـــــــــــاطب الليل..؟!
 
      بعيدا عن أعين الناس يجتمع مع أصدقاء مهنته ليلا في صندوق شاحنة كبيرة ؛ كي يتسامروا في جوف الظلام، قد جمعتهم الأقدار قبل الأقدام وكل منهم يحمل رداءه، و «طراحته»، وإن شئت مخدة، والتي هربت من ظلم حاطب. كل هذا وأكثر في ليلة حراسة على معدات ثقيلة، بين إطارات عريضة، وزيوت التشحيم، ووظيفة يقتاتون منها شركة معدات ثقيلة، جزء من رواية حاطب الليل.. الذي تحدث بغصة في حلقه، وأطراف الشيب تحكي سنين طويلة، وتجاعيد تروي مرتب التقاعد الذي لم يعد يغطي مصاريف أسرته، ومصاريف مدارس أولاده، ناهيك عن بعوض قارس ينهش ما تبقى من جسد ذاك الحاطب الذي يسامر، ويمازح، ويتغابى، ويتغافل عن تصرفات شباب متهور، يغطي اللحظة بضحكة صفراء؛ بغية خلق جو من الأنس؛ كي يسلوه في صبره على تلك الوظيفة الشاقة، التي دائما ما يكون هؤلاء المساكين ضحية شركات تمنحهم معاشا يفوق الثلاثة آلاف ريال، وتحفزهم بالتأمين الصحي، وتبلغهم بأنهم تحت التجربة في ظل نظام التوطين الإلزامي، و «السعودة المطفشة»، التي تجبر العامل السعودي على العمل ثلاثة أشهر دون مرتب؛ كي تختبر حرصه، وانضباطيته، تنتهي تلك الأشهر الثلاثة، وكأنها ثلاث سنوات مما يعدون..؟!
لتقع الصدمة وهم يمنون النفس بالمرتب الزهيد المقطوع، وقد تراكم في درج محاسب المسيرات «المسوف»، ورمى بالكرة في ملعب الشركة، وقد مد إليهم بتلك النقود الورقية الزهيدة.. بمعدل «1000» ريال لكل عام، أستشاطوا غضبا، وثاروا قهرا..
«على لسان صديقنا.. حاطب الليل» .
فلم يجدوا غير توصيات بالجهات المختصة كي يختصروا عليهم السؤال العريض..
«أشكي لمين ..؟!»
ليكتب حاطب معروضا يسترجع به سنوات خدمته العسكرية، رغم ركاكة أسلوبه، وأخطائه الإملائية.. التي كانت تجد التصفيق والتأييد من قلوب امتلأت حقدا على ضياع السنين، ورحمة شركات النصب، والاحتيال،
مازال المعروض على طاولة المسؤول، على رواية حاطب، وربما كان خلف القضبان بتهمة الفساد، أو لعله أصيب بـ «الربو الشعبي» نتيجة الأتربة اللاصقة فوق الرفوف، وعدوى المعاملات،
قرر حاطب ورفاقه الإضراب عن العمل، فما كان من الشركة إلا أن استغلت الحدث وجلبت عمالا أجانب بسعر زهيد «دراهم معدودات»، وقد احتفظت بسجل حاطب، ورفاقه؛ حتى تكون حجة لها لا عليها أمام قرارات البلدية الموقرة، عاد حاطب ليصدم بالعمال الأجانب الجدد.. في مخالفة صريحة لقوانين، وأنظمة البلدية العزيزة، ليعاود الركض مجددا في إرفاق معروض بالمعاملة الأولى ليجد المكتب مقفلا «لجولة ميدانية» .. للصلاة، لإجازة مفتوحة، اجتماع طارئ، انتداب خارج المدينة ... إلخ.
وفاصل طويل من التصريف المدروس، والتملق المدسوس في سم المثالية التي لا تعرف غير البشت، والسواق، والغداء زاهب.
ومضـة:
قرر حاطب استخراج تقرير طبي كاذب حتى يتمكن من الحصول على إعانة الضمان «864» ريالا لاغير، فيما قرر أحد رفقاه احتراف «مشقة الطرق البعيدة» برتبة «كداد» .. والبقية «.. منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر؟! » .
نسيت إخباركم .. تحتفل «معاملة حاطب» بعيد ميلادها الثالث على سرير متهالك، تنتظر القبول بالإخلاء الطبي .. قبل أن تدفن حية، كما كان جرم الجاهلية الجهلاء..؟!.


التعليقات : 4

غير معرف

حاطب الليل
عنوان للمعاناة والألم والسهر اندرج تحته الحدث بحرف يحاگي هم ذلگ الحاطب ورفاقه على أمل تعديل الأوضاع..."اشگي لمين"؟!

ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﻬﺪ ﺍﻟﻋﺴﻜﺮ

ﺣﻄﺎﺏ ﺍﻟﻠﻴﻞ. ..
ﺍﺻﺮﺍﺣﻪ ﺩﺧﻠﺖ ﺟﻮ ﺣﺴﻴﺖ ﺑﻠﻘﺼﻪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﻩ
ﻳﻌﻨـــــﻲ...
ﻣﺪﺭﻱ ﻭﺵ ﺍﻗﻮﻝ ﺍﻧﺖ ﺧﻠيﺖ ﻟﻨﺎ ﺷئ ﻨﻘﻮﻟﻪ
ﺍﺭﺣﻤﻨﻰ ﻭﷲ ﻣﺎﻧﺴﺘﺤﻤﻞ ﺣﻼﻭﻩ ﻛﻼﻣك
ﺇﻧﺖ ﺣﺒﺮ ﻭﺭﻳﺸﻪ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﻩ
ﻳﺎ ﻳﺒﻮ ﻓﻬﺪ
ﻭﺗﻘﺒﻞ ﺗﺤﻴﺎﺗﻲ...
ﻭﺭﻗﻪ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﻈﺎﺭﮒ 

غير معرف

اعتذر عن التأخير ولكن كل ذلك لاني بالفعل استمتعت بالقراءه اكثر من مره ومن دون ملل وبصراحه من العنوان تجد ان الموضوع يشدك الى قرائته بالكامل فأنا احييك ايها المبدع استمر فانت فخر لي وللعائله

تقبل تحياتي وتقديري خالد معيض ابو تركي

غير معرف

. شخصية "حاطب الليل" كثيراً ما نجدها في مجتمعناواخشى ان تذبل وتوشك على الفناء واخشى ان تزهر شرا لنا.. ايها المبدع فايع عسيري ..رقة القلب وصدق المشاعر والاخلاص هي مواصفات تجلت فيك يا كاتبنا الكبير ..أكلامك سحراً ام قصيدة فاتنه شكلتها اناملك المبدعة..!! ((بنت النـــور))

إرسال تعليق


أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي تعليق ان يكون في حدود الادب والذوق العام، حوله .
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.

المشاركات الشائعة