من وحي قرية..!!

                                                    

                                  من وحي قرية..!!

    في رحلة سبر أغوال عالم مليئاُ بالأحداث والتغيرات،والتبعات..مدن ساهرة،وهجرنائمة،وبين هذه وتلك ثمة وحي يسمع ولايرى عند حافة غروب الشمس..أشهد إن لا إله إلا الله،أشهد أن محمداً رسول الله..هكذا بدأت قريتي لصلاة المغرب،وهكذا بدأ أحد شيوخها الكبار يترحم على الراحلين،أبحرت في نبرة صوته المهترء،وتجاعيده الوارفة بالمعاناة،في عيون رجل صبور مثله ترى عزة النفس في أبهى صورها،قوة وتجلداً وصبراً تحدى كل الظروف،والأقدام،والأقدار،أراه مبتسما يصافح الأطفال والكبار،أراه يداعب عاملاً أضناه الشقاء،أراه هناك وقد أستظل بمظلة تحميه من حرارة صيف حارق..أراه في ساعات الفجر تشق تنهيداته الإيمانية ظلام قريتي،تراه يسابق الأجور وقد بلل قطرات مائه كبود ظامية لاهثة،يحل بإفطاره تراه قد يحمل ترساً مليئا بالأفطار مغرب يوم من رمضان  وقد أجتمع شيوخ قريتي على حصير من حب،في خلد رحمة ومغفرة،وعتق من النار..!!همس طفولة بريئة تتعثر في رحلة تقصي بين أزقة قريتي وخيوطها الماضية علها تسعفني خيطاً رقيقاً في سير أحباء هاجت بي ذكراهم، وماجت..في نفس المكان،في غير الزمان،على رأس سنة رحلت،وسنة قادمة..

 في ذاكرة ليلة من حب مازلت أتشبث ببقايا حديثهم،وإنسهم بعد مغرب يوم عظيم،بين أمس باسم وحاضر باك يلوح في أفقي الراحلين..شيوخ قريتي الذين تساقطوا كعقد سبحة قطع فتناثرت خرزاته حسرة وألم..ثمة روايات صمت.. تروي عطش أجدادي،وآبائي على تجاعيد قريتي الأم،دمعات  تصرخ من سبات بكاء..
"كنا هنا"،فصرخت..و"أصبحنا هنا"في ليلة كانت قريتي معي تطفئ شموع الكلام ونور السلام،لحظة رحيل بركة قريتي..وحصاد الذرة وبيوت من حجروطين،هبات شتاء قارس ينبس في ساعات فجر حزين وقد واارينا ثرى جدي، وجد قريتي وشيخها العظيم..أعود أتلمس الراحلين،الذاهبين،المهاجرين،وبقي جد قريتي رسمآ على جدران متصدعة وكراسات مهترئة!!

وحي قريتي:

جدي بقيت مثلآ نتذكره،نقول إنه لم يرحل،وسيعود ذات يوم،لكنه رحل راحل وبقيت طيبته إنساناً,ودفئاً..!!